رحاب صلاح
عدد المساهمات : 18 تاريخ التسجيل : 17/04/2012
| موضوع: طريفة التفكير... الأربعاء أبريل 18, 2012 3:17 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم يقول ألبرت أينشتين عالم الفيزياء الشهير: لاتستطيع ان تحل المشاكل بنفس طريقة التفكير التي خلقتها! أي يتعين علينا أن نغير نمط تفكيرنا واسلوب تعاملنا مع الحياة ومع الناس, لكي نحل المشاكل التي خلقناها لأنفسنا.. أو المشاكل التي يمكن ان نخلقها لانفسنا في المستقبل. فلو كانت مشكلتنا ان الناس تتعامل معنا بحذر ولا يولونا ثقتهم, فعلينا ان نبحث عن السبب في أنفسنا أولا قبل ان نلوم الآخرين علي تحفظهم معنا وابتعادهم عنا.. فلعل اسلوبنا في التعامل مع الناس لايريحهم.. أو لعله يريبهم.. كيف.. ولماذا؟ الاسباب المحتملة متعددة.. وقد يكون من بينها أننا لانثق بالناس ونتحفظ معهم, فهم يعاملوننا بمثل مانعاملهم به.. هذه الامور ذات اتجاهين. وليست في اتجاه واحد.. فلو وثقنا في الناس وتعاملنا معهم بمودة, فلا شك ان معظمهم سيتعاملون معنا بنفس الاسلوب.. وهناك مثل يقول عامل الناس بمثل ماتحب ان يعاملوك به وليس معني ان نثق في الناس ان نطلعهم علي جميع اسرارنا.. فهذا خطأ كبير, اذ قد يستغل ذوو النفوس الضعيفة ماعرفوه من اسرارنا.. استغلالا سيئا يوقعنا في الحرج أو يسبب لنا الأذي.. لا.. مهما وثقنا في الناس فهناك مناطق ينبغي ان تظل محظورة, ولا داعي ابدا لاطلاع الغير عليها.. وهذا لايعني عدم الثقة فيهم ولكن لكل شئ حدود.. والثقة المطلقة تأتي عادة بنتائج غير محمودة.
ولو كانت المشكلة ان الناس لاتحبنا او تنفر منا فعلينا ان نبحث ايضا عن السبب في أنفسنا.. قد يكون الغرور الذي يحسونه فينا.. والناس لاتحب الشخص المغرور.. وقد يكون التعالي علي الناس.. والناس ايضا لاتحب الشخص الذي يتعالي عليهم.. وربما يكمن السبب في ان الشخص المعني متجهم الوجه دائما والتكشيرة تلازمه في جميع اوقاته(!) والناس لاتطيق الشخص الكشر وقد يكون الشخص ثرثارا لايكف عن الكلام ويبدي معرفة بكل شئ, ممن يقال عنهم ابو العريف(!) او يكون من النوع الصامت الذي لاينطق بكلمة.. فتكون صحبته مملة غير شيقة.. وكما يقول المثل خير الأمور الوسط.. والوسط هو الاعتدال.. فلا يكون الانسان رغايا ولايكون أبا الهول في صمته وهذا القياس ينطبق علي كل شئ تقريبا.. فالكرم مثلا وسط بين البخل وبين السفه في الانفاق.. والشجاعة وسط بين الجبن وبين التهور.. وهلم جرا.. ولو كانت المشكلة اننا نهاب مواقف معينة.. مقابلة شخصية.. امتحانا شفويا.. التقدم لطلب يد ابنة احدهم.. لو اننا نهاب مواقف كهذه فعلينا ان نعالج ذلك في انفسنا بان نقنعها بانه لا داعي لهذا علي الاطلاق.. فالانسان يهاب الموقف لانه يخشي مايمكن ان يترتب علي عدم التوفيق فيه.. والخوف يؤدي الي ذلك بالضبط(!) أي أننا بالخوف نجلب علي انفسنا مانخشي وقوعه.. والشخص الذي يقدم علي موقف وهو خائف يفقد القدرة علي التركيز وتتشتت افكاره, وتتبعثر النقاط التي يريد ان يعرضها, فلا يستطيع ان يلمها او يجمعها, ويفقد القدرة علي الاقناع, ويوحي للطرف الآخر بان هذا الشخص لايثق في نفسه أو أن هناك شئ غلط.. وكل هذا لا يأتي بالنتائج المرجوة.. وخير للشخص ألا يهاب اي موقف لان ذلك هو طريقه لتحقيق مراده. وهناك من يعتقد بأن المرء لا يستطيع ان يغير مايجد نفسه عليه, واذا كان ذلك كذلك, فالذي يتهيب الموقف محكوم عليه ان يظل هكذا حتي نهاية عمره.. ابدا.. وكما يقال وبحق كل شئ في المخ اي ان مخ الانسان وهو عقله الظاهر يستطيع أن يغير ما بالعقل الباطن.. وكثير من افعالنا وردود افعالنا يؤثر عليها العقل الباطن بل ويتحكم فيها.. ولكن الناس تنسي ان هناك علاقة تبادلية بين العقل الظاهر والعقل الباطن, اذ يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به.. وان الانسان في استطاعته ان يغير ويبدل في مخزون العقل الباطن.. وذلك بان يتحاور مع نفسه, ويسألها لماذا أتصرف علي هذا النحو؟ وسوف يعرف او بالأحري يتعرف علي الظروف والملابسات التي احاطت بموضوع قديم, والتي اختزن عقله الباطن نتائجها, وعممها علي كل ما يقابله من احداث مستجدة قد تتشابه مع أول تجربة. بالحوار مع النفس يمكن للعقل الواعي ان يصحح ماترسب في العقل الباطن من آثار مثل تلك التجربة, ويقنع نفسه بان لكل تجربة ظروفها الخاصة بها وأنه لا يجوز التعميم هكذا, وإذا كنا لم نحسن التعامل مع تجربة سابقة فليس معني هذا ان نظل نسئ التعامل مع التجارب المماثلة لاحقا.. اذ المفروض ان نستفيد ونتعلم من تجاربنا.. وبهذا يتحرر الانسان من الترسبات التي تطبع تصرفاته علي نحو غير مرغوب فيه.. وعلي كل منا ان يحاول في هذا الاتجاه ولا ييأس, وعندها سوف يتخلص مما كان يثقل كاهله من ردود افعال ليس لها مايبررها. وإذا كانت المشكلة اننا لانثق في قدرتنا علي اتخاذ القرار, وشعرنا دائما وابدا بالحاجة الملحة الي عرض مشاكلنا علي الآخرين, ليفتونا فيما يجب ان نفعله ازاءها.. فعلينا ان نقنع أنفسنا بان فتوي الآخرين ليست بالضرورة افضل مما نراه نحن.. بل لعلها تكون قاصرة عنها.. والاساس هو ان يعمل الشخص عقله فيما هو بصدده, واذا وجد ان هناك جوانب ليست له خبرة بها, وكان هناك شخص معروف عنه رجاحة العقل والبصر بالامور, فلا مانع من الاستعانة به, فالمناقشة معه قد تدلنا علي اشياء سهونا عنها او غابت عنا.. ولكن القاعدة ان ينمي الانسان قدراته الذاتية علي اتخاذ القرار بنفسه, وذلك يأتي بالممارسة والثقة بالنفس, والمثل يقول ماحك جلدك مثل ظفرك.. فتول انت جميع امرك. خلاصة المطلوب ان نعطي لانفسنا مساحة من الوقت لكي نختلي بها ونجري حوارا معها, ونفرز مخزون العقل الباطن, ونترك الصحيح ونتخلص من الفاسد, ونستبدل اشياء بأخري, فالعقل الواعي ينبغي ان تكون له السيطرة علي ما في العقل الباطن, والا ظللنا ندور في حلقة مفرغة ولا نتقدم نحو الافضل.. والله اعطانا القدرة علي تغيير ما بانفسنا ولفتنا الي امكانية ذلك في قوله تعالي إن الله لايغير مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم( الرعد11) ولو لم يكن تغيير ما بانفسنا ممكنا لما قال ذلك العليم الخبير.. فهو الذي خلقنا ويعلم ما نحن عليه. ما ذكرته في هذا المقال هو مجرد امثلة لتوضيح المعني الذي بدأت به, والذي اثاره في ذهني مقولة اينشتين عالم الفيزياء المعروف.. | |
|